حين كان العيبُ عيبًا

قرأت هذا النص على احد مواقع الشبكة العنكبوتية نُقِل دون ذكر صاحبه و أنا بدوري أنقله لما فيه من حقائق و حنين الى زمن مضى…

بارك الله في كاتبه و قد ذكّرني بالقول المنسوب الى الامام الشافعي :

نعيب الزمان و العيب فينا **** ما لزماننا عيب سوانا

و نهجو ذا الزمان بغير علم **** و لو نطق زماننا لهجانا

هوذا النص…

انتقلت الى رحمة الله كلمة (عيب) ….
المرحومة (عيب)؛ كانت قائدة ورائدة في زمن الآباء والأجداد.
حكمت العلاقات بالذوق ووضعت حجر الأساس لأصول التربية السليمة.. تحياتي لتلك الكلمة التي عرفناها من أفواه الأمهات والآباء.

تقبّلناها بحب وتعلمنا أنها ما قيلت إلاّ لتعديل سلوكنا فاعتبرناها مدرسة مختزلة في أحرف.

تحياتي لأكاديمية (عيب) التي خرّجت زوجات صابرات، صنعن مجتمعات الذوق والاحترام وتخرّج منها رجال بمعنى الكلمة كانوا قادة في الشهامة والرجولة !!!

أبجديات (عيب) جامعة بحد ذاته ، وحروفها المجانية بألف دورة مدفوعة التكاليف.

بحروفك يا كلمة عيب: قدَّر الصغير الكبير، واحترم الجار جاره, وتعاملنا مع الكبير والقريب بمحبة وشوق.

كان الأب يقف ويقول عيب: عمك، خالك، جارك، معلمك، سَلِّم، سامح ، ارفع الخبزة عن الأرض وقبلها …

كان يقال للبنت: (عيب) لا ترفعي صوتك، عيب لا تلبسي كذا، فتربت البنات على الحشمة والستر والأدب.

وتربى الشباب على غض البصر. لاترفع صوتك بوجه أستاذك .لا تهزأ من المُسنّ.

وتربى الصغار على عيب لا تنقلوا سر الجار والدار.
(عيب) كانت منبراً وخطبةً يرددها الأهالي بثقافتهم البسيطة، لم يكونوا خطبآء ولا دعاة أو مُفتين، وإنما هي كلمتهم لإحياء فضيلة وذم رذيلة …

كلمة (عيب) ثُرنا عليها ذات يوم عندما قلنا عَلَّمُونا العيب قبل (الحرام) وتمرّدنا عليها ظناً منّا أننا سنعلّم الجيل بطريقة أفضل . فأخذنا الحرام سيفا بدون عيب ، فنشأ جيل جديد لم نفلح في غرس كلمة “عيب” ولا شقيقتها الكبرى “حرام” في التفاهم مع سلوكياته أو مع التطوير والتغيير المستمر في العصر والمفاهيم والقيم حتى ماتت كلمة عيب وانتهت من قاموس التربية ….

تحية من القلب للمرحومة كلمة (عيب) ولكل الأجداد والابآء الذين استطاعوا أن يجدوا كلمة واحدة يبنوا بها أجيالاً تعرف الأدب والتقدير والاحترام في الوقت الذي أخفقت محاولاتنا بكل أبجديات التربية المتطورة ..

اللهم ردنا إليك ردا جميلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *