لكل فرعون موساه

” فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ 61 قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ 62 “(سورة الشعراء)
و كذلك هم في غزّة : حفنة من رجال أحرار، معتّقي الكرامة ، أبرار خرجوا الى العدو بصدورهم ، عزّلاً الاّ من ايمانهم و يقينهم في الله ، نعوشهم على أكتافهم و في أيديهم أشياء تكاد تشبه لعب الأطفال وضع الخالق فيها سرّه و بركته و بعضَ قوّته فأحدثت المفاجأة بل الصدمة ليندلع بعدها هوس الانتقام منهم و من ملّتهم كلها.
و من يحاول ادراكهم و ابادتهم ، من؟
جيش عرمرم قيل انه يحمل الترتيب الخامس من حيث قوة الجيوش في العالم يدعمه القاصي و الداني و يشدّ على يده كل أقوياء العالم كما يبارك بطشه كل أباطرة الأرض و تابعيهم و مواليهم .
ربما قال أحد اليافعين في صفوف الثوار في لحظة دهشة أو خوف أو ذهول من الجمع الذي يلحق بهم تباعًا “”انّا لمدركون” فماذا نفعل؟ و انّى لنا أن نجابه كل هذا الزحف ؟ و كيف نقابل كلّ هؤلاء الفراعنة المصطفّين ضدنا ، اللاحقين بنا ؟”
و الاكيد أن الاجابة من حكيمهم كانت قرآنية بامتياز:”كلّا انّ معنا ربَّنا سيهدينا و يُقوّينا و ينصرنا . ومن ينصر في أوقات الشدة من لا نصير له غير الله ؟”
الاكيد أيضا أنّ الشاب اطمأنّ قلبه و نظر الى السماء يطلب النجدة ، المؤازرة و الطاقة للتقدم الى الامام مُسلِمًاو مسَلِّمًا أمره الى ربّ العباد الذي خلقه ،كرّمه و أعزّه و لم يجعل لبشر عليه يدًا و لا رزقًا ، لا حياة و لا موت .
فالعبودية لله وحده ،
الرزق من الله وحده ،
الحياة و الموت بيد الله وحده ،
و الكرامةُ وصَوْنُ انسانية الانسان من حق جميع البشر دون استثناء.
هكذا في لحظة تاريخية التقى الجمعان على أرض غزة ، أرض فلسطين ، أرض الانبياء و القديسين ووطن المباركين من السماء .
و العاقبة؟
لا أحد يمكن أن يتكهّن بها .
لكن القرآن يقول انّ فرعون و جنوده غرقوا و أصبحوا آية لمن يعتبر .
هل هناك اليوم من يعتبر؟
فرعون كان فرعونًا ،”مفرعنًا” ، “متفرعنًا ” و غرق .
نعم غرق بكل “فرعنته” الخالدة.
و “الشرذمةالقليلون”!؟ نجوا …نعم على ضعفهم و قلّتهم نجوا فهم يمتلكون عصا موسى .
أتعلمون ما هي عصا موسى التي قهرت السحر ، الدجل و الخرافات و رفعت عن الأعين حجابها المظلم ؟
انه اليقين في الله .
هي ذي العصا الخفية ، عصا لا يُلوّح بها الاّ من آمن بأنه عبد لله وحده دون سواه وأنه اذا خسر حريته ، أمنه ، سلامة بيته و بسمات أطفاله على أرض
أجدادهم فما لها قيمة هذه الحياة .
الحياة يا ناس اذن ليست لقمة عيش تُقايَضُ بالكرامة الانسانية .
الحياة ليست صفقة غير مشروعة بين قوي “يتربّب” وضعيف يوطأ.
الحياة رأس في السماء و أمن في الديار و خطى مطمئنة على التراب .
و كلنا قويُّنا و ضعيفُنا من التراب و اليه.
و كفى بالله شاهدا ووكيلا ✍

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *