بأي ذنب قتلت؟

 ما لك يا شيرين أسرجت فرس الرحيل دون ان تودّعي ؟

ما لك يمّمت شطر السماء دون أن تأخذي حظك من الأرض ؟

ما لك باغتِّ أطفال القدس بالغياب وهم ينتظرون طلتك عند باب الرجاء في عينيك الحزينتين بسمة و في يدك قبّرة؟

مالك ولّيت دون ان تلقي على أشجار الزيتون التحية الأخيرة و هي تنتظرك على عتبة الازهار؟

كيف استطعت يا شيرين كيف أن تفاجئي الجميع بهذا الحجم من الفجيعة و الأفئدة حبلى بحزنها المتجدد و العيون دامعة في كل حين هناك ، هناك حيث تبلغ القلوب الحناجر و حيث الانسان يتنكر للإنسان ؟

ما لها الرصاصة هذه المرة لم تخطئك و أصرّت أن تخترقك في الوريد ؟ لماذا لم تخذل عيون الموت الذي ما فتئ يتربص بك منذ أن اخترت مشاكسته في عرينه؟

قُتلت ؟…حقا؟…فعلا؟…

بأي ذنب قُتلت ؟

بأي ذنب يُطلق الرصاص على الفراشات الباحثة عن النور؟

ما هي جريرتك ؟

ما الذي يبرّر موتك ، موتكم أنتم الذين تحاربون موت الانسان عُزّلاً الاّ من ميكروفون وكاميرا؟ أنت التي قلت يوما : "اخترت الصحافة لأكون قريبة من الانسان".

ماذا نقول لك يا بطلة؟

هل نقول لك: "نامي قريرة العين يا شهيدة فالأرض الولّادة التي أنجبتك في بطنها "شيرينات" اخريات سيكملن المشوار بعدك وسينفقن العمر مثلك دفاعا عن قيم الحق والحقيقة والخير والانسانية"؟

أم نهمس في أذنك التي اخترقتها الرصاصة الخادعة : "اهدئي في قبرك يا أبيّة فقد أبلغت بموتك و بلّغت و رفعت صوتك الى عنان السماء فأرعبت ، و مثل كل الشهداء وفّيت القضية كل حقها ، و مثل كل الابطال حُملت على الاعناق و ستبقين نجمة مضيئة فوق رؤوس من تركت لهم مشعل الوفاء."

و صدق من قال فيك : "ان اغتيال شيرين لن يقتل الحقيقة بل سيروي زيتونها" .

فهنيئا لك الشهادة..

هنيئا لك حب الجماهير و قبلاتهم لنعشك الذي ظل فوق الأكتاف و لم يسقط …

هنيئا لك الخلود و العودة في كل المواسم مع عبق الذكرى و نور الكلمات و دفء القلوب و براعم الزيتون…

فالذين دفنوك يعلمون انك بذرة ستزهر في أقرب المواسم و ستعطي أكلها باذن ربّها كل حين فالعدم للعدميين وحدهم .أما المؤمنون بقضية فانهم لا يموتون بل يرفعون ويخلّدون.

نامي بسلام عند السلام…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *